الشرفاء، نهاية أسطورة
بقلم علي أهريري
يحز في النفس عندما أشاهد في قريتي التي ترعرعت فيها، رجلا تظهر عليه ملامح الرجولة وصفاتها وتبدو عليه علامات الحشمة
والوقار، قبل أن يتكلم، أشاهده وهو فريسة لنصاب يدعي القداسة والسيادة باسم الشريف،
أشاهده وهو يرخي طوعا كفه له ليتفل فيه ثلاثا، وليعزم عليه بعزيمته
الكاذبة والبهتانية، وفوق ذلك يمد إليه مبلغا من المال مقابل تفله على يده ودعواته
له، التي يعتقد جازما بأنها ستجعله سعيد في دنياه وآخرته وبأنها قادرة على تحويل
إناء ماء إلى إناء من عسل.
الرجولة ومواصفاتها عكس ذلك، يا
من وقع في مكائد هؤلاء النصابين التي دبرت ليلا، ووضعت هدفا للسياسات العمومية
الممنهجة التي تخدم أجندة الذين جعلونا نعاني الأمرين، وتركوا لنا الوهم والعزيمة
وتقديس التفاهة والجهلاء، لتنويمنا في كهف مظلم لا
نرى من خلاله ما يدبرونه ويطبخونه في كواليسهم. خاب مسعاهم وما كانوا يضمرون.
كيف يعقل نعت إنسانا تتقاسم معه صفات البشرية جمعاء، بلقب"سيدي" و"مولاي" رغم كونه أمر مذموم ومقرف للغاية، لولا مكائد الممعنين في انتاج أشباه رجال يعيشون على الوهم وينهقون بتلك الأوصاف، فبئس العبودية في أقبح تجلياتها. فكم من نصاب يلقب ب"الشريف" نهارا جهارا، بسبب خطط المخزن تجاه المغاربة لطمس هوية حضارتهم الأمازيغية المجيدة والعريقة، التي هدمت ولازالت أصنام كواليسهم.
وما الأطلس المتوسط بالخصوص، الذي أنتمي اليه، إلا واحدا من الشهود على ذلك، خاصة عاصمة آيت اسخمان الغربية (تاكلفت) التي تشكل جزء من أجزاءه المنسية، والتي يخصص اهلها جزءا من محصولهم السنوي (للشريف) خارج الزكاة، ويخزنونه ولا يقربونه حتى يأتي "الشريف" على مهله ليأخذه ولو كان بهم خصاص وعلى الرغم من وجود فقراء مهمشين يعيشون كالطير مُياوِمين، ولا أحد يعتقهم ولو بما تيسر.
هو تدجين إذن عاشه
أجدادنا الأبرار والأحرار، الذين لحقهم الظلم والطغيان بإسم الدين والتجارة به، وهي
نكسات مازالت تلاحقنا نحن أبناءهم، مجسدة في الاستبداد والابتزاز بدون سابق إنذار، ليس
لأنهم جبناء، بل لإيمانهم برسالة ظنوا أنها جاءت من أجل إخراج الناس من عبادة البشر
إلى عبادة رب البشر، إلا أنها من فرط التحريف صارت تخدم النصابين والدجالين فيما يرتضونه
وليس فيما يرضي الله الذي لا يظلم عنده أحد.
غير أن دوام الحال من المحال، ذلك أنه بفضل ارتفاع منسوب الوعي، زال حال أجدادنا الأبرار الذين كانوا يقدسون بسببه "الشريف" الذي زينه لهم المخزن وهو من جلدتنا فوق ارضهنا، لدرجة منحه المكانة العظيمة في نفوسهم، يلتمسون منه البركة ظانّين أنه يمتلك مفاتح الفلاح وأجوبة الدعوات وصكوك غفران خطاياهم. وعي مكننا من محاججة من يدعون "الشرف" من أبناء هؤلاء النصاببن، بقوة الحجة، موضحين لهم أنهم منا وأن تلك الخزعبلات والخرافات الناتجة عن تأسيس الزوايا وادعاء الشرف، ماهي إلا استراتيجية لتكسير شوكة نضالات ابناء الأطلس واتحادهم ضد ظلم الاستبداد الذي لحق رقعتنا.
أكيد هي كلمات لن تعجب "صديقي الشريف"
الذي تم قصفه في معتقده وشرفه المزعوم، لكن هو مني إقرار وتأكيد، أن مكره هو وأمثاله بأجدادنا
في حد ذاته، سيل جارف لأعثى كذبة ونهاية أيضا لأسطورة حلت بكياننا.
فماذا يعني أن تكون أنت "الشريف"، غير أن نكون نحن الباقي "الأرذال" !!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.