تغدوين الهشاشة
بقلم ابراهيم الغدويني
تحتل
جماعة تغدوين المنتمية لإقليم الحوز حيزا كبيرا في خارطة الهشاشة بسبب الخصائص
الطبيعية الصعبة من جهة، وبسبب خذلان ممثلي الساكنة واستقالة باقي مؤسسات الدولة
من جهة أخرى.
إن أبناء جماعة تغدوين ومن سبق لهم أن زاروا دواويرها
يعرفون أنها لا تحتضن أبدا ما يشير إلى الدولة، وكأن أرضها لا تقبل أن يستثمر فيها
المال العام، أو أن سكانها أناس من الدرجة الثانية لا يليقون إلا لمليء الطوابير والهتاف
بوطنية زائفة هي كل ما تركه لهم من سرقوا الوطن في وضح النهار.
إذا أردت أن تدرس يجب أن تغادر الجماعة، إذا أردت أن تعالج
– بضم التاء – يجب أن تغادر الجماعة، إذا أردت أن تشتغل يجب أن تغادر الجماعة، وإذا
أردت أن تغادر الجماعة فستعاني الويلات في ظل غياب الطرق المعبدة والمسالك المعدة
للعبور المطمئن.. هو واقع الحال الذي يتجاوز أسطر هذا المقال ليصبح المضلة اليومية
التي يعيش تحتها ألاف المغاربة الذين شاءت الأقدار أن ينتموا لهذه المنطقة، واقع
الحال الذي ينسج أكواما من علامات الاستفهام التي تفرض نفسها بإلحاح: أين تذهب هذه
الأغلفة المالية التي نسمع أنها خصصت للجماعة في مختلف المجالات؟ ما موقع الخطابات
الجوفاء التي ترقص على إيقاع أغنية” العام زين” من هذا الواقع؟ ما هو دور
المجالس المنتخبة الممثلة للجماعة؟ من المسؤول عن تسلل البرود لهذه البنايات
المتناثرة هنا وهناك دون أن تعالج يوما ما ولو مشكلة واحدة؟ من المستفيد من
ضياع أبسط حقوق السكان؟
أسئلة وأخرى ستفضح الإجابة الموضوعية عنها ألاعيب مافيا
استثمرت فقر الناس وحاجتهم وبساطتهم لخدمة أجنداتها الخاصة والضيقة مرتدية عباءة
ممثلي الساكنة.
إن الدور المحوري للمجلس الجماعي يمكن اختزاله في الرقي
بحياة سكان الجماعة من خلال ضمان الولوج للخدمات الأساسية، غير أن المجلس الجماعي
الذي ابتلي به الغدوينيون لا يخدم إلا مصلحة الرئيس وزبانيته الذين أعماهم الجشع
عن مهمتهم الأصلية وباعوا ضميرهم عندما وجدوا من يدفع الثمن. كلنا نعرف أن اللص
عندما يكون في قاعة المحكمة أمام ضحاياه يحتاج إلى محام يدافع عنه و ينزع عنه
التهم المنسوبة إليه، لكن في حالتنا هذه فإن إضفاء الشرعية على من تفضحه جبال
تغدوين وهضابها و وديانها و أحجارها و ترابها قبل الملامح الشاحبة لأناسها ، يتم
أمام الجموع العامة، والذين تكلفوا بهذه المهمة القدرة هم من كانت تصدح حناجرهم
البارحة بطبقة الكادحين و الجماهير الشعبية و بالاشتراكية و الديموقراطية، وإذا
بهم اليوم يقبلون عن طواعية بأن يلعبوا دور المنديل الذي ينظف به السفاح يده من
جرائمه البشعة ، ودور مساحيق التجميل الرخيصة التي تضعها العاهرات لإخفاء ما فعله
الزمان بأوجههن.
فبئس الدور وبئس ثمن الدور وبئس الذي قبل الدور وهو الذي
أخبرنا أحمد شوقي أنه كاد أن يكون رسولا وأخبرنا كارل ماركس أنه مناصر الضعفاء، وإذا
بقناعه يسقط في غفلة منه وتتبدى أنيابه المكشرة وملامحه الشيطانية التي أعطتهم
حجمهم الحقيقي كأقزام قبلوا القيام بأعمال السخرة عند إقطاعي جعل من الجماعة
مقاولة له ومن أعضاء مجلسها خداما له ومن ميزانيتها بطاريته الخاصة التي يتصدق
بفتاتها – بضم الفاء – على من يبدو أنه لم يتملك لا دروس الشريعة ولا أخلاق
الالتزام بالمسؤولية ولا حرمة العلم والمعرفة.
ايوووز نك دادا برهيم
ردحذف