سيرة حياة مناضل: بوجمعة هباز، الشهيد بلاقبر
النشأة والتعليم:
ينحدر بوجمعة هباز من منطقة ورزازات، ازداد سنة 1943، في قرية بوتازولت القريبة من منجم إيميني. وتابع دراسته الإبتدائية ببلدته والثانوية بثانوية محمد الخامس بمراكش، ثم التحق بمدرسة تكوين المعلمين بمراكش سنة 1961 وتخرج منها معلما للغة الفرنسية وتم تعيينه بمنطقة إيمي نتانوت .
التحق بوجمعة هباز بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط سنة 1965، وحصل منها على شهادة الإجازة في اللغة الفرنسية، التي مكنته من العمل بثانوية مولاي يوسف بالرباط. ثم حصل سنة 1973 على منحة دراسية بجامعة السوربون الفرنسية ضمن المنح المخصصة للبعثات العلمية المغربية، قصد إعداد بحوث ودراسات أكاديمية في مجال اللسانيات، فقام بإنجاز أطروحة لنيل دكتورا السلك الثالث في إطار وحدة الدراسة والبحث في اللسانيات العامة والتطبيقية سنة 1979 في موضوع: ”مقولة الجهة في الأمازيغية تاشلحيت المغرب، منطقة إيميني (مراكش- ورزازات)" وتحت إشراف الباحثة الفرنسية دونيز فرانسوا.
بعد نهاية رحلته الدراسية بباريس، التحق بوجمعة هباز بكلية الآداب بالرباط بمقتضى عقد العمل الذي يربطه بها، وبهذا الخصوص تضاربت الاراء حول صحة التحاقة بالكلية في الموسم الدراسي 1980-1981 كأستاذ محاضر في اللسانيات، كما اشار إلى ذلك الأستاذ سعيد باجي في كتابه "مختطف بدون عنوان" (2006) إلى أن: حيث:
* أنكرت عمادة الكلية انتسابه للكلية.
* صرح الأستاذ إبراهيم أخياط في كتابه “رجالات العمل الأمازيغي” (2004) أنه هباز بعد رجوعه من فرنسا بدأ في ترتيب أموره ليعمل كموظف في إحدى المؤسسات اللغوية بالرباط باعتباره متخصصا في اللسانيات في انتظار أن يتمكن من الحصول على كرسي جامعي، ولم تمض على هذه الوضعية أيام وقبل أن يلتحق بعمله حتى أتى خبر فقدانه.
* تؤكد الوثائق الشخصية لهباز المتوفرة لدى العائلة، أنه قام بتجديد بطاقة تعريفه الوطنية بتاريخ 25/07/1980، تحمل مهنة أستاذ محاضر، بعد أن عين بهذه الصفة في 21 يناير 1980 من قبل وزارة التربية الوطنية وتكوين الأطر.
النضال الثقافي والالتزام السياسي:
ساهم بوجمعة هباز في تأسيس أقدم جمعية أمازيغية في المغرب وهي "الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي" سنة 1967، وفي تأطير أنشطتها الإشعاعية في مجموعة من المدن المغربية: الرباط، القنيطرة، مراكش وغيرها، وفي شهادة الفقيد ابراهيم أخياط عنه قال في نفس كتابه: " كان بوجمعة الهباز المناضل المفقود ضمن المجموعة التي تتكون من علي صدقي أزايكو، وأحمد بوكوس، والفاضل الغوالي، وأحمد أكواو، وعلي الجاوي، وعبد الله بونفور، وهؤلاء جميعهم كانوا طلبة بكلية الاداب والعلوم الإنسانية بالرباط، التحقوا بنا نحن أخياط إبراهيم، وعبد الله الجشتيمي، وعلي بنور، وعمر الخلفاوي، حيث كنا نمارس محاربة الأمية سنة 1965 في صفوف التجار الصغار والعمال انذاك وأسسنا فيما بعد الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي وكان بوجمعة ضمن المكتب المؤسس للجمعية".
كما أشرف على الإعداد للمائدة المستديرة الخاصة باللغة في الدورة الأولى للجامعة الصيفية بأكادير في غشت 1980، غير أنه لم يتمكن من المشاركة فيها بالبحث الذي أنجزه تحت عنوان: "المقاربة النقدية للأشرطة المصورة الموجهة لشباب العالم الثالث". وساهم بمقالاته في مجموعة من الجرائد والمجلات.
أيضا قام بوجمعة هباز من خلال أطروحة الجامعية بابتكار مفهوم “الثلث الأسطوري” الذي يرى من خلاله "بأن العالم الثالث تسمية خاطئة لما يسمى بدول عدم الانحياز، وانه يتعين تسميتها بدول “الثلث الأسطوري” لأن هذا العالم الثالث لا وجود له في الواقع، بل جعلوا منه أسطورة حقيقية، يدعي حكام دول عدم الانحياز من خلالها أنهم يتبعون حلا ثالثا، ليس رأسماليا ولا شيوعيا، في حين أن هذا الحل غير وارد تاريخيا في القرن 20، لانه لا خيار لدول عدم الانحياز سوى حل واحد وهو اتباع الاشتراكية مع تكييفها مع الوضعيات الخاصة والتخلي عن الرأسمالية. وبالتالي فاتباع الحل الثالث (لا رأسمالية ولا شيوعية) يعني خلق أسطورة تخفي الصراع بين الرأسمالية والشيوعية في بلدان “الثلث الأسطوري " الذي هو قدر هذه البلدان". كما دخل في جدل علمي مؤسس مع المستمزغين خاصة منهم الفرنسيين الذي اشتغلوا مع إدارة الحماية الفرنسية ولا سيما "أندريه باصي" الذي قال : "الأمازيغية لم تنتج قط لغة حضارةLe berbère n’a jamais fourni une langue de civilisation.، من خلال تضمين أطروحته:
* الحقائق التاريخية والسوسيولوجية الامازيغية الهامة التي دحض من خلالها آراء المستمزغين خاصة العسكريين منهم العاملين في إدارة الحماية.
* مواجهته للاستعمار الجديد ( النيوكولونياليزم) الذي فرضته فرنسا على مستعمراتها بما فيها المغرب.
* بيان سياسي عام، جعل العديد يعتبرونه منخرطا في الإعداد لثورة ثقافية بالمغرب، والإساءة لتاريخ العلاقات المغربية الفرنسية.
الاختطاف:
منذ شهر أبريل 1981، لم يظهر أي أثر لبوجمعة هبازن وكان آخر من رآه هو صديقه عبد الرحيم المهتدي الصحفي بالتلفزة المغربية الذي طرد من عمله بسبب علاقته به، وهذا الخصوص:
* أدلى المهتدي في تقريره المفصل الذي رفعه إلى هيئة الإنصاف والمصالحة، تفاصيل اختطاف بوجمعة من قبل المخابرات المغربية من شقته بحي أكدال الراقي بتاريخ 19 أبريل 1981.
* أحد الممرضين العاملين بمستشفى ابن سينا بالرباط سبق له في إحدى شهاداته أن أفاد بأن بوجمعة هباز سبق له أن جيء به إلى مستشفى ابن سيناء وهو مكسور العظام ومطلي بالدماء.
* هيئة الانصاف والمصالحة أعلنت عن غغتياله ولم تهتدي لقبره.
جميعا من أجل المطالبة بالكشف عن حقيقة مصير المناضل اليساري الامازيغي بوجمعة هبازن الشهيد بلا قبر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.